Menu

غزة  تسجل  انتصاراً غير مسبوق منذ  نكبة 1948 وفي ميدان المفاوضات 

عليان عليان

دخل وقف إطلاق النار يومه الخامس في إطار المرحلة الأولى لصفقة تبادل الأسرى  بعد حرب استمرت خمسة عشر شهراَ ، من العدوان الصهيو أمريكي الأطلسي، سطرت فيها المقاومة الفلسطينية بكافة فصائلها، أعظم آيات البطولة   بالاستناد  إلى حاضنتها الشعبية العظيمة ( أولاً)  و (ثانيا) وبفضل وحدتها على أرض المعركة في إطار غرفة العمليات المشتركة و(ثالثاً) بفضل قيادتها العسكرية الصلبة وشجاعة مقاتليها ومهاراتهم  العسكرية  وتكتيكاتهم القتالية  غير المسبوقة ، التي أربكت العدو وأجهزة استخباراته ، بحيث باتت المراكز البحثية تتحدث عن حرب من طراز جديد خاضتها المقاومة ، ينبغي أن تدرس في الكليات العسكرية ، لا سيما وأنها برهنت على أن العامل الذاتي المقاوم، المستند إلى دعم الحلفاء في محور المقاومة ، كفيل بتحقيق النصر رغم الخلل الهائل في ميزان القوى.
هزيمة نكراء للعدو
لقد برهنت المنازلة  التاريخية الكبرى بين  المقاومة وبين العدو الصهيو أميركي، أن هذا العدو رغم إمكاناته العسكرية الهائلة، ور ورغم الخلل المريع في ميزان الثوى ، ورغم عشرات الآلاف من أطنان الأسلحة والذخائر التي تلقاها من الإمبريالية  الأمريكية وألمانيا وفرنسا وبريطانيا وبقية دول حلف الأطلسي التي ألقيت على قطاع غزة  ،  رغم كل ما تقدم هزم العدو  شر هزيمة في الميدان ، وذلك باعتراف كبار قادته العسكريين وعلى رأسهم مهندس خطة الجنرالات " غيورا آيلاند " وقائد القوات البرية السابق " اسحق بريك "،  لا سيما  وأن جيشه في مواجهة مسلسل الهزائم على أيدي رجال المقاومة ، لجأ للتعويض عن هزائمه وخسائره الكبيرة  وغير المسبوقة على صعيد القتلى والجرحى  والخسائر المادية  ، إلى قصف المدن والمخيمات والقرى  والبنى التحتية والصحية والخدمية  والتعليمية بشكل جبان  وممارسة حرب التجويع  وقصف المدنيين،  في إطار مسلسل غير مسبوق  للإبادة الجماعية .
صفقة التبادل: مكاسب صافية للمقاومة الفلسطينية
جاءت صفقة تبادل الأسرى  في مراحلها  الثلاث، لتؤكد حقائق الحياة العنيدة التي تؤكد أن شعب مقاوم  ، يستند إلى قضية عادلة،  وعقيدة متماسكة  ،ويمتلك إرادة  مقاومة صلبة  لا تعبأ بمعادلة موازين القوى، قادر على تحقيق فرض إرادته على أطراف معسكر العدو ، وإفشال كافة الأهداف التي حددتها  هذه الأطراف .
فالحروب – مطلق حروب – على امتداد  التاريخ ، تتقرر نتائجها انتصاراً أو هزيمة ، بتحقيق أي طرف أهدافه السياسية من الحرب ، فالعدو الصهيوني حدد أهدافه بوضوح من الحرب العدوانية على قطاع غزة ممثلةً بما يلي : القضاء  حركة حماس وفصائل  المقاومة وتجريدها من السلاح ، وتقويض حكومة  غزة ، وإنقاذ الأسرى الصهاينة بالقوة المسلحة ، وتأليب  الحاضنة الشعبية على المقاومة ، وتهجير أبناء القطاع ، وعزل المحافظة الشمالية وتدميرها توطئة لتحويلها إلى منطقة للاستيطان ، وعزل مدينة غزة عن مناطق الوسط والجنوب بإقامة قاعدة عسكرية واسعة في محور نتساريم ، والسيطرة على محور فيلادلفيا  الذي يربط القطاع ب مصر ، وقد فشل في تحقيق أي هدف منها.
جاءت هذه الصفقة لتنسف هرم الأهداف الذي حدده العدو  الصهيوني ، بفضل صلابة المفاوض الفلسطيني القائد " خليل الحية" ، ووقوفه والفريق المرافق له  ،عند كل نقطة وفاصلة  بالاستناد إلى معطيات الميدان ،وتوجيهات القيادة العسكرية بالتنسيق مع كافة فصائل المقاومة .
وبالمقابل حددت المقاومة جملة شروط  ومبادئ لإبرام أي صفقة لتبادل الأسرى ، ومارست مرونة تكتيكية لخدمة شروطها ، بهدف كشف حقيقة الموقف الأميركي المراوغ  الذي عمل على تغطية موقف العدو سياسياُ، ومد العدو بحبل الزمن لتحقيق الأهداف المشتركة لهما وأبرز المبادئ والشروط التي حددتها المقاومة ما يلي : وقف الحرب العدوانية على قطاع غزة/ انسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزة / وصفقة عادلة لتبادل الأسرى/ وعودة أبناء شمال غزة إلى مناطق سكناهم بدون تفتيشهم /  تزويد القطاع  بمئات الشاحنات التي  تنقل مواد غذائية وطبية  وناقلات الوقود /   إعادة إعمار قطاع غزة. 
لقد حققت المقاومة في الصفقة كافة شروطها ، وأبرزها  أنها حققت شرطاً مركزياً  بتحرير ما يزيد عن  1737 أسيرا، منهم 296 محكومون بالسجن المؤبد و100 أسيراً من ذوي الأحكام العالية مقابل الإفراج عن المجندات الموجودات لدى المقاومة ، الأمر الذي دفع العدو لأن  يعيش حالة حداد،  ويعلن عبر  كافة مؤسساته الإعلامية وقادته العسكريين وأطراف اليمين الصهيوني بأن ( إسرائيل) هزمت في مواجهة المقاومة ، وأنها  لم تحقق أي من أهدافها.
 لقد حققت المقاومة عبر ملحمة السابع من أكتوبر ، وعلى مدى خمسة عشراً في مواجهة حرب الإبادة الجماعية  ، انتصاراُ غير مسبوق في تاريخ الصراع العربي الصهيوني  وأغرقت العدو في مآزق تاريخية، وأزمات كبرى ممثلة بالأزمة الاقتصادية الهائلة ، وأزمة الانقسام الداخلي ،وفقدان مجاميع المستوطنين الثقة بالقيادتين السياسية والعسكرية ، وتآكل ما يسمى بالمناعة القومية ، وازدياد هجرة اليهود إلى الخارج،  التي وصلت إلى حدود المليون مهاجر صهيوني ، ناهيك عن ضربها في الصميم مرتكزات الكيان الثلاثة " القوة المسلحة والهجرة والاستيطان"، يضاف إلى ما تقدم أنها وجهت ضربة نجلاء للدور الوظيفي للكيان، بحيث بات هذا الدور محل بحث القوى الاستعمارية ،التي عملت على إقامته على أرض فلسطين التاريخية.


الإنجازات السياسية لطوفان الأقصى
1- نقلت معركة الطوفان  قضية تحرير فلسطين، من زاوية الإمكانية التاريخية إلى زاوية الإمكانية الواقعية، وبرهنت أن تحرير فلسطين أمر ممكن ، على عكس ما روج دعاة الاستسلام باستحالة هزيمته ولجوئهم إلى طرح مشاريع التسوية، التي لم  يأبه بها العدو وألقى بها في سلة المهملات.
2-أعادت القضية الفلسطينية  ، إلى سلم أولويات المجتمع الدولي بقوة واقتدار ،  بعد أن تراجعت في ظل  معاهدات  التسوية  المذلة مع العدو الصهيوني، واتفاقيات التطبيع الابراهيمية  وفي ظل استمرار رهان السلطة الفلسطينية على خيار المفاوضات الأوسلوي.
3- أعادت الاعتبار للشارع العربي من زاوية التفافه حول نهج المقاومة ومغادرة الحديث عن مشاريع التسوية وجدواها المزعومة ، ووجهت ضربة قاسية لمسار التطبيع مع العدو الصهيوني ولنهج التسوية المذل.
4- طرحت معركة طوفان الأقصى  لأول مرة سؤال الوجود في الكيان الصهيوني، ودقت مسمارا غليظاً في نعش الكيان الصهيوني ، وأنجزت المحطة المركزية الأولى، لإنهاء وجود هذا الكيان الغاصب على أرض فلسطين العربية.
5- والتطور الأبرز  والأهم ،  أنها أحدثت انزياحاً  وتحولاً كبيراً جدا في  الرأي العام العالمي والغربي على وجه الخصوص لصالح القضية الفلسطينية ،من خلال المظاهرات المليونية التي عمت عواصم العالم وعواصم الدول الغربية على وجه الخصوص ،  والتي خلقت حالة من الانقسام  بين الحكومات وشعوبها ، وعبرت ولا تزال  تعبر عن إدانتها للمحارق الصهيونية وعن انحيازها للرواية العربية في فلسطين ، وكشف زيف السردية الصهيونية ومقولة اللاسامية ، ناهيك أنها حققت أكبر عزلة للكيان الصهيوني بوصفه كياناً  مارقاً وفاشياً يقدم قادته لأول مرة  لمحكمة الجنايات الدولية بتهمة الإبادة الجماعية .
 وأخيراً : لقد كشفت معركة طوفان الأقصى بشكل جوهري ، أطراف معسكر الأعداء ومعسكر الأصدقاء على الصعيد  الإقليمي والدولي ،  وأحدثت فرزاً غير مسبوق  في تاريخ  الصراع العربي – الصهيوني ، ما يستدعي من  فصائل المقاومة رسم استراتيجية المواجهة مع معسكر أعداء الأمة ، وتعظيم التلاحم مع حلفاء  الشعب الفلسطيني والأمة العربية  على أرضية  نهج المقاومة في مواجهة التحالف الصهيو أمريكي  الأطلسي .